عبدالرحمن الناصر من عظماء الأندلس

نجم لامع في سماء الاندلس ، وصفحة بيضاء من تاريخها وحاكم لم يعرف الدهر له مثيلا ، ولو ان العظمه والامجاد تخلد اصحابها في الدنيا لكان الناصر من احقهم بذلك
ولو جاز الخلود خلدت حيا ولكن ليس للدنيا خليل
ولِمَ لا وهو الكريم ابن الكريم سليل صقر قؤيش ( عبد الحمن الداخل)
افعال من تلد الكرام كريمة يتوارثون الجود والاقداما
من هو الناصر ؟
هو ــ عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن بن الحكم بن هشام بن عبدارحمن الداخل ( صقر قريش)
ويلقب بالناصر لدين الله ويسمى كذلك عبدالرحمن الثالث تميز عن الداخل
ولد في الاندلس عام 278 هـ واعتنى بتربيته جده لاابيه واهتم به اهتمام بالغا بعد وفات والده وهو صغير
تولى أمارة الأندلس بعد وفاة جده عام 300 هـ وكان عمره 22 سنه
كان يحب مظاهر الملك والمجد مع الخشوع وخشية الله كان ذ كيا حازما عاقلا استطاع توحيد الاندلس بعد التمزق
كان محبا للجهاد وأمضى أكثر خلافته فيه
حكم الاندلس خمسين عام اتسم عهده بالنهضه العمرانية ، وقد قام بأعظم عمراني لما استقرت الأمور فقد بنى مدينة الزهراء عام 325 هـ على بعد خمسة اميال من الشمال الغربيى من قرطبه اكتمل بنائها على مدى اربعين سنة، وبنى له قصر فيها سماه ( الزهراء)
توحيد الاندلس
- استطاع عبدالرحمن الناصر توحيد الاندلس وقضى على العصاه
- قام بهجوم على ابن حفصون وانتزع منه بعض الحصون والمواقع وحرر ها من ابن حفصون وحلفائه النصاري
-انتشرت اخبار الانتصارات التى مكنت الناصر في ارجاء الامارات لما سنع بها بعض المتمردين لم يتمهلو بل بدارو فورا يعلنون له الخضوع مثل مدينة (سرقسطه ـ اشبيليه – بربشتر وغيارها من المدن) فا قر حكامها وكان من خلقه لن يغدق على المتمردين والعصاه الذين يستسلمون له ويكرمهم ، ويوسع عليهم ، ويبقيهم على اعمالهم ، ولذلك اخذت الاندلس تتوحد لناصر
-انتصارته على نصارى الشمال حيث وجد الناصر الفرصة مواتية لإظهار وحدة المسلمين وتلاحمهم ضد العدو المشترك ( مملكة ليون ) فوجه جيشا بقيادة وزيره "احمد بن عبده "وذلك مع بداية عام 304هـ واصطدم بجيش مملكة ليون في عدد من المعارك الثنائيه التى انتهت كلها بالنصر ، وغنمت قوات المسلمين غنائم كبيرة
-تابع الناصر التقدم شمال الاندلس بجيش هو الذى يقوده في نفس الوقت الذى كانت فيه الحشود وقوات الدعم تتلاحق بصورة مستمرة من سائر الاندلس لتنضم الى جيش الناصر واخذ الناصر في الاستعداد لمعركة حاسمه في عام 308هـ تقدم الناصر بنفسه يقود جنده ليفاجئ مملكة ليون وحليفتها نافار الا ان النصارى هناك كانو على علم بتحركه فارسلت مملكة جليقية حملة عدوانية على قريت " الفرج " فبدائة معركة الفرج وانتصر فيها الجيش الاسلامي وابادوا معظم قوات العدو
تابع الناصر تقدمه الى ملك ليون دولة النصارى فكانت غزوة "موبش " وهي من الغزوات المهمه في التاريخ الاندلسى التي استمرت غزوة موبش ثلاث شهور يفتح فيها الناصر معظم الحصون فانتصر فيها الناصر ثم عاد الى قرطبه بعد تفقد احوال الثغور واجتمع بقادتها ، عز واي عز بعدما كادت تدهور الاحوال
استطاع الناصر ان يمزق جيوش النصارى والمتحالفين معهم من خونة الاندلس
لقب الخلافة
بعد ان أعاد الوحدة السياسية آلة أجزاء الأندلس ، وعظم شانه وقويت دولته وأصبح أقوى حاكم إسلامي في ذلك الوقت ،أراد أن
يضفي على حكمه المزيد من القوة والهيبة في نفوس أعدائه ، فاتخذ لقب الخلافة ، خاصة عندما رأى ماحل بالخلافة العباسية من
الضعف ، واصدر سنة 316 هـ مرسوم الخلافة ، واتخذ لقب أمير المؤمنين الناصر لدين الله
بعد ان استقرت الاوضاع في الاندلس توجه الناصر الى ارساء دعائم الحكم في كل الاتجاهات الداعية الى بناء الدولة
من الناحية السياسية
اصبحت قرطبة ايام الخلافة في المكانة السياسية التى تفد اليها الوفود والرسل من جميع الدول وتقوية العلاقات
بين الدول والاندلس وتبادل العلاقات والصداقة والسفارات بين الجانبين
من الناحية الاجتماعية
تفنن الناس في انواع الاطعمة والملابس والغناء والطرب ،وانشغلوا عن الاستعداد للجهاد ،وكان من سن فيهم هذه السنة :" زرياب " فاشغل الناس بابتكاراته في علم الطعام واللباس ، فلكل فصل نوع من اللباس والطعام ، ولكل مجلس اداب وتقاليد ، ولكل حفلة طرب وغناء و(مسيقا) بمختلف الالحان 0
ولقد تصدى العلماء على محاربة الترف والاسراف منهم " المنذر بن سعيد البلوطي وغيره من العلماء والدعاة0
من الناحية العمرانية
اصبحت قرطبه من اكبر مدن العالم انذاك سكانا ودورا وقصور وعدد المساجد في قرطبه ثلاثة الاف مسجد
من الناحية الادارية
قسمت قرطبه الى ثمانية وعشرين ضاحية ، وقسم رجال الشرطه الى شرط بالليل وشرط بالنهار وجعل منهم قسم لمراقبة التجار ونظم جباية المال وموارد بيت المال حتى بلغ دخل هذا البيت (6،245،000) دينار ذهبا ولما مات كان قد ترك في بيت المال ثلاث مليون ليره ذهبية ، وكان ثلث هذا المبلغ يرصد لتغطية نفقات الدولة الجارية , ويدخر الثلث الثاني ، وينفق الباقي على مشروع العمران ، ونظم اسلوب البريد ونظم المالية فالضرائب والمكوس والخراج والجزية ونظم القضاء وانشاء قضاء المظالم واوجد الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وانشاء نظام الحسيه ففي كل بلد محتسب يشرف على الاسواق التجارية ومشاكلها وقوانين القضاء
من الناحية الاقتصادية
نمت الزراعه نموا مزدهرا ،فتنوعت اشجار الفواكه والمزروعات من قصب السكر والارز والزيتون والكتان واوجد مزارع خاصة لتربية دود القز ، كما نظم اقنية الري واساليب المياه وجعل تقويما للزراعة لكل موسم
وفي الصناعة جُعلت المناجم ، وطور أنواعها ، الذهب وارخام والفضه والرصاص والنحاس وتطورة صناعة الجلود ومراكز خاصة السفن والاتها ، وصناعة الزيوت والادوية وفي زمن الناصر ظهرت الاسواق الخاصة للبضائع وسوق للنحاسين وسوق للزهور والشحوم وللزيوت
من الناحية الثقافية
اصبحت قرطبة مركزا للعلوم والاداب وانتشرت الثقافه وكثر الانتاج العلمي وشاعت المعرفة، وبلغ عدد الكتب
اربعمائة الف كتاب في مكتبة واحده وهي مكتبت الحكم وبلغ عدد المكتبات سبعون مكتبة وكما ظهر النساخون الذين كانوا يقومون بدور المطابع في عصرنا ، وظهر المجلدون لتجليد الكتب
وكان الناصر يعرف بحبه للعلم والعلماء ومن اشهر العلماء
القاضى / عبدالله محمد بن محمد الذى اخذ العلم عن مائتين وثلاثين شيخا ،
كما ظهر القاسم بن الدباغ الذي نقل العلم عن مائتين وستة وثلاثين شيخا
وبرز ابن عطيه في التفسير ، كم اشتهر في الفقه الباجي وابن وضاح وابن عبد البر ، وابن عاصم والمنذ ر بن سعيد في الفقه والحديث، وظهر بالفلسفة ابن رشيد وغيرهم من العلماء والدعاة
فقد عمل الناصر على نشر المعرفة في ربوع البلاد، فابتنى في قرطبة وحدها سبعا وعشرين مدرسة وادخل اليها الفقراء من الطلاب مجانا ، حتى اصبحت قرطبة في عهده منارة تجتذب اليها الادباء والعلماء والفنانين
وفاة الناصر
توفي الخليفة الناصر لدين الله غبدالرحمن الثالث بعد حكم دام خمسين عاما وستة لشهر وثلاثة ايام قفضاها في جهاد ،دائم لم يعرف خلا لها من
ايام الهناء الا قليلا ، ولم يركن الى الراحة اثناءها الا نزرا يسيرا ، ماعرفت الدنيا نموذجا من الحكام يماثله او يشابهه ، كان فردا في تكوينه،
وكان فردا في حكمه وقيادته وجد بخطه – رحمه الله : ايام السرور التى صفت له دون تكدير ، يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ،
ويوم كذا من كذ ، وعدت تلك الايا م فكانت أربعة عشر يوما كما ذكره المؤرخ المقري في نفح الطيب من سيصل الى العز مثله ، همه
الشباب وحمة الشيوخ ، يقترن اسمه باروع ايات المجد والعزة للاسلام والمسلمين ،ولم تصف له الا اربعة عشريوما !
مضى الناصرللقاء وجه ربه وصدق الله تعالى : ( كل نفس ذائقة الموت وانما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد
فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور) ال عمران اية 185
رحم الله الناصر وتبقى سيرة الخليفة الناصر مدى الزمان بالرغم من زوال الزهراء واخراج والمسلمين من الاندلس سيرة مشجية ، عظيمه بآن واحد لانها سيرة رجل في حياة امة يرجى لها الان عز ماضيها ، ومجد غابرها
وفاة الناصر عام 350 هـ رحم الله الناصر رحمة واسعه وجنة الخلد مثواه