لقد شبه البعض إقصاء إسماعيل عن حكم مصر ونفيه الي خارج البلاد بعملية عزل حفيده فاروق سنة1952, وذلك في السنين الأولي التي تلت قيام ثورة يوليو, وهو تشبيه فيه ظلم كبير ليس للخديو إسماعيل فقط ولكن أيضا لمصر, صحيح أن كلا من إسماعيل وفاروق أمضا16 سنة متربعين علي عرش البلاد, كما أن كلا منهما نفي الي ايطاليا علي ظهر اليخت المصري المحروسة, ولكن فيما عدا هذا يختلف كل شيء بالنسبة للاثنين, ففي الوقت الذي تم فيه عزل فاروق غير مأسوف عليه من أحد, فإن إسماعيل غادر مصر وقلوب أهلها ترقرقت حوله حزينة مودعة, بعد أن اتضح أن الحقد علي ما حققه لمصر وتطلعاته لكي تكون أمة ناهضة قوية, كان السبب وراء الثورة التي قامت بها دول أوروبا خاصة انجلترا وفرنسا..
تجيء ذكري إسماعيل ونحن نعيش العام رقم130 لعزله عن منصبه ونفيه خارج البلاد وتولية ابنه توفيق مكانه بسبب رفضه التدخل الأجنبي في إدارة البلاد لضمان سداد الديون التي اقترضتها ليجعل مصر قطعة من أوروبا وليقيم بها ما يجعلها في مقدمة الدول الحديثة, إذ إنه عندما عجز عن سداد فوائد الديون, تدخلت الدول الأجنبية وفرضت عليه مراقبة ثنائية, وذلك بتعيين عضوين: انجليزي وفرنسي, أولهما لمراقبة المصروفات, والثاني لمراقبة الإيرادات, وعندما حاول التخلص من تلك القيود وعزل الوزيرين تم عزله عام1879.
تجيء سيرته أيضا بمناسبة ذكري رحيله التي تأتي يوم2 مارس( الاثنين المقبل) حيث انه توفي في مثل هذا اليوم من عام1895 في اسطنبول, ثم جري دفنه في مسجد الرفاعي بناء علي وصيته والذي بنته والدته في عهده.
لقد لحق ظلم كبير باسم إسماعيل برغم الكثير الذي حققه لمصر بعد مؤسس دولتها الحديثة محمد علي, فإن الخديو إسماعيل دفعه طموحه للعناية بالجيش المصري, حيث رفع مستواه العلمي وزاد عدده وزوده بمختلف أنواع الأسلحة الحديثة, وأنشأ له المدارس وأقام المصانع الحربية, وكانت له هيئة من40 ضابطا أغلبهم أمريكيون وأنشأ مطبعة لها, ومتحفا حربيا وجريدتين لتثقيف الضباط والجند, كما رمم حصون الاسكندرية وجدد أسلحتها ومدافعها, وأراد أن يعيد تنظيم وتدريب الجيش علي أساليب الجيش الألماني بدلا من الأساليب الفرنسية المتبعة, ولكن الارتباك المالي في أواخر عهده حال دون ذلك, أما مدنيا,
فقد حقق الكثير, حيث أنار القاهرة والاسكندرية والسويس بغاز الاستصباح ومد بها أنابيب المياه, وأنشأ إدارة للبريد ونظاما للجمارك, وعمل علي تنشيط التجارة بمد خطوط السكك الحديدية وأسلاك البرق, وشق الترع والقنوات لري الأراضي, كما شجع التعليم فأنشأ أول مدارس لتعليم البنات, ومدارس للفنون واللغات والحقوق ودار العلوم ومدارس للصم والبكم والمكفوفين, وهو الذي وضع التقسيم الإداري لمصر فجعلها8 محافظات و14مديرية, هو أيضا الذي أنشأ مجلس شوري النواب وافتتحه عام1866 ليكون أول خطوة دستورية لإشراك المصريين في شئون البلاد, كما جري افتتاح قناة السويس في حفل مهيب في عهده وما أكثر ما حققه إسماعيل بن ابراهيم لمصر.
يرحمه الله.. فقد ظلمناه كثيرا برغم أن كل ما استدانه ليبني مصر لم يزد علي المائة مليون جنيه!.