بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيد المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه وسلم أجمعين
ان أروع قصة حب عرفها التاريخ ..و تذكرها كتب السير ..هي قصة حب عاشت خمسا و عشرين عاما ...ليس هذا وحسب..بل و دامت بعد وفاة الحبيبة حتى توفي الحبيب صلى الله عليه و سلم ..
هي قصة نبينا الحبيب صلى الله عليه و سلم و امنا الحبيبة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
كانت السيدة خديجة رضي الله عنها من اشرف نساء مكة..ذات حسب و نسب و غنى و مال ..وكانت صاحبة تجارة ... بحثت يوما عمن يدير لها تجارتها في الشام ..فسمعت عن محمد بن عبد الله ..ولم يكن نبيا بعد...سمعت عن اخلاقه و امانته ..فاتمنته على تجارتها ..وكان صلى الله عليه و سلم وقتها في الخامسة و العشرين من عمره
وكانت رضي الله عنها في الاربعين من عمرها
و اعجبت رضي الله عنها بأخلاقه صلى الله عليه و سلم و ما رأت منه من حسن اخلاق و امانة ..خاصة و ان غلامها ميسرة الذي كان يرافق النبي عليه السلام في رحلات التجارة كان دوما يحدثها عن محمد صلى الله عليه و سلم ... فأخبرت صديقة لها يوما عن محمد ..وكان اسمها نفيسة..فعرضت عليها صديقتها ان تجمع بينهما بزواج..فما كان من السيدة خديجة الا ان فرحت فرحا شديدة و قالت : نعم يا نفسية
وذهبت نفيسة الى النبي صلى الله عليه و سلم و عرضت عليه الزواج..ففرح صلى الله عليه و سلم بهذا الزواج العظيم من أشرف نساء مكة ..و تزوج عليه السلام خير نساء العالمين زواجا مباركا كان منه من الابناء
القاسم و الطاهر و عبد الله ..وكان منه من البنات : زينب و ام كلثوم و رقية و فاطمة
كانت السيدة خديجة رضي الله عنها نعم الزوجة .. فهي كانت تربي تحت جناحها عدا عن ابنائها ..كانت تربي ابن عم النبي صلى الله عليه و سلم سيدنا علي كرم الله وجهه..و كانت تربي في بيتها زيد بن حارثة حب النبي عليه السلام ...
فترة زواج النبي صلى الله عليه و سلم بها دامت 25 عاما ... 15 منها دامت قبل البعثة ..و عشر اعوام منها كانت بعد بعثته صلى الله عليه و سلم ..خلال الخمسة عشر عاما التي سبقت البعثة بدأ النبي صلى الله عليه و سلم يعتكف في غار حراء .. فكانت رضي الله عنها تحضر له الطعام و الشراب ..وتصعد الجبل الى غار حراء ..رغم كبر سنها ..و توصله للحبيب صلى الله عليه و سلم
ثم بدأت ارهاصات النبوة
عندما نزل جبريل على النبي عليه السلام في غار حراء اول ما نزل ..خاف النبي خوفا عظيما... فقد نزل جبريل على النبي في صورته الحقيقية ..و قال للنبي : اقرأ
فقال عليه السلام : ما انا بقاريء ( اي أني لا اجيد القراءة و الكتابة ) فاخذه جبريل فغطه بين جناحيه و قال اقرأ
فأعادها النبي و اعادها جبريل ..حتى قال له في الثالثة : اقرأ باسم ربك الذي خلق ..خلق الانسان من علق
روى الإمام البخاري في صحيحه وغيره عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه عندما رجع رسول الله صلى الله وسلم أول ما أوحي إليه من غار حراء (فدخل على خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها- فقال: زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد - ابن عم خديجة- وكان امرأ تنصر في الجاهلية فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك.
فقال : يا ابن أخي ماذا ترى؟
فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى (أي في الغار).
فقال ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا)
تحملت مع النبي صلى الله عليه و سلم مشاق الدعوة ..حتى انها حوصرت معه و مع المسلمين في مكة و منع عنهم الطعام و عمرها يقارب ال 62
انفقت مالها للاسلام و في خدمة الدعوة .. و في حماية النبي صلى الله عليه و سلم
لم يتزوج النبي صلى الله عليه و سلم بحياتها
و قبل وفاتها أتى جبريل- عليه السلام- رسول الله فقال: هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من نصب لا صخب فيه ولا نصب.
فلما جاءت خديجة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لها:إن الله يقرأ على خديجة السلام. قالت: خديجة بنت خويلد إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام
توفيت رضي الله عنها بمكة المكرمة قبل الهجرة بثلاث سنين بعد أن بلغت من العمر خمسة وستين عاما
و حزن النبي صلى الله عليه و سلم لوفاتها حزنا عظيما حتى خاف الصحابة عليه خوفا شديدا..و سمي العام الذي توفيت به عام الحزن
بعد وفاتها كان النبي عليه السلام شديد الذكر لها ..شديد الوفاء لها ..حتى انه يوم فتح مكة..يوم نصر المسلمين ..بعد وفاتها رضي الله عنها بحوالي 14 عاما ..في ذلك اليوم العظيم رأى النبي صلى الله عليه و سلم امرأة عجوز تقبل نحوه..فترك الصحابة و ذهب نحوها مسرعا..و اخذها و أجلسها على عباءته و بقي يتحدث معها قرابة الساعة ..حتى جاءت السيدة عائشة اليه و سألته : من تلك المرأة
فقال : انها احدى صاحبات خديجة
فقالت: و عم كنتما تتكلمان
فقال: كنا نذكر خديجة و الايام الجميلة
فقالت عائشة : لا زلت تذكرها و قد أبدلك الله خيرا منها
فغضب النبي عليه السلام غضبا شديدا و قال : لا و الله ما أبدلني الله خيرا منها آمنت إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس
و لشدة حب النبي لها حتى بعد وفاتها كانت السيدة عائشة تقول
ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها،
رضي الله عنها و أرضاها ..و صدق رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم :
أفضل نساء أهل الجنة أربع : خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون
وصلى الله على سيدنا محمد و على اله و صحبه و سلم
__________________